مستوى الأوكسيجين ينخفض في البحيرات، أمّنا الأرض بلا ماء عذب

معظم الكائنات الحية على الأرض في حاجة الى الاوكسيجين كمادة أساسية للبقاء على قيد الحياة، لكن بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، أصبحت نسبة الاوكسيجين في تراجع متسارع من بحيرات المياه العذبة، مما يعرض الكائنات التي تعيش في هذه المياه والنظام البيئي للخطر.
اطلع الباحثون، من من معهد رنسيلير للعلوم التطبيقية، على عينات وقياسات من 393 بحيرة في المناطق معتدلة المناخ في العالم من سنة 1941 الى 2017، فوجدوا انخفاضا كبيرا في الأوكسيجين في المياه السطحية والعميقة.
هذا التغيير في مستويات الأوكسيجين، أثّر على الكيمياء الحيوية للمياه وصحة السكان الذين يعتمدون على هذه البحيرات، كما انه يمكن ان يؤدي هذا التغيير الى ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة من الباكتيريا المائية التي تنتج الميثان.
يقول عالم البيئة كيفين روز، من معهد رنسيلير للعلوم التطبيقية، “تعتمد كل أنواع الحياة المعقدة على الأوكسيجين، فهو الداعم الأساسي لشبكات الغذاء المائية، وفي حالة فقدانه سنفقد عدة أنواع حيوية”.
ثم أضاف، ” تفقد البحيرات الأوكسيجين بمعدل 2.75-9.3 مرة أسرع من المحيطات، وسيؤثر هذا الانخفاض على جميع مكونات النظام البيئي”.
ووجد الباحثون، من خلال دراسة أكثر من 45 ألف ملف حول درجات حرارة الماء والاوكسجين المذاب، معدل انخفاض بنسبة 5.5 في المئة للأوكسيجين المذاب في المياه السطحية على مدى العقود الأربعة الماضية. ويرجع ذلك لارتفاع درجة حرارة الهواء الذي يسخن الطبقات العليا من البحيرة، مما يتسبب في صعوبة ذوبان الغازات.
كما وجد العلماء ارتفاعا في درجة الحرارة والاكسجين في مجموعة فرعية من البحيرات، التي تمثل ربع العينات الاجمالية. والتفسير المحتمل لهذه الظاهرة هو أن هذه البحيرات تهيمن عليها البكتيريا الزرقاء التي يسببها الجريان السطحي الغني بالمغذيات من المزارع والمناطق الحضرية، والتي تنتج الأوكسيجين الخاص بها.
يقول عالم البيئة المائية ستيفن جين، من معهد رنسيلير للعلوم التطبيقية، “البحيرات هي مؤشرات أو”حراس ” للتغير البيئي التي تظهر أي تهديدات محتملة على البيئة، لأنها تستجيب لإشارات من الطبيعة والغلاف الجوي المحيطين بها.”
ويضيف، “لقد وجدنا أن هذه الأنظمة الأكثر تنوعًا حيويًا بشكل غير متناسب تتغير بسرعة، مما يشير إلى مدى تأثير التغييرات المستمرة في الغلاف الجوي على النظم البيئية.”
وتمثل البحيرات حوالي 3 إلى 4 في المائة فقط من سطح الأرض غير الجليدي، ومع ذلك فأنها تعتبر أنظمة بيئية غنية بشكل خاص توفر الموائل والموارد الحيوية لأنواع لا حصر لها بما في ذلك البشر.
إن تناقص إمدادات الأوكسيجين لا يهدد فقط الأنواع المائية داخل البحيرات، ولكنه يعرض الأنظمة البيولوجية المتنوعة وشبكاتها الغذائية للخطر أيضا.
والأكثر من ذلك، فإن انخفاض مستويات الأوكسيجين يسمح لأنواع عديدة من البكتيريا التي ينبعث منها غاز الميثان بالانتقال، حيث تنبعث من هذه البحيرات المزيد من غازات الدفيئة، ويستمر تأثير الاحتباس الحراري، وتستمر الدورة.
إن وضع البحيرات أكثر سوءا من وضع المحيطات، ويعتقد الباحثون، أنه يمكن أن تكون هذه مجرد بداية من حيث نضوب الأوكسيجين. الأمر الإيجابي الوحيد هو أنه مع المزيد من البيانات والمزيد من المعلومات حول خطورة المشكلة، يمكننا اتخاذ تدابير أكثر فعالية لمواجهتها.
يقول كيرت برينمان، عميد كلية العلوم في معهد رنسيلير للعلوم التطبيقية، الذي لم يشارك بشكل مباشر في البحث، “أظهرت الأبحاث الجارية أن مستويات الأوكسيجين تتراجع بسرعة في محيطات العالم. وتثبت هذه الدراسة الآن أن المشكلة أكثر خطورة في المياه العذبة، مما يهدد إمدادات مياه الشرب لدينا والتوازن الدقيق الذي يمكّن الانظمة الإيكولوجية المعقدة للمياه العذبة من الازدهار”.
ويأمل الباحثون، أن تجلب هذه النتيجة إلحاحًا أكبر للجهود الرامية إلى معالجة الآثار الضارة بشكل تدريجي لتغير المناخ.
ترجمة وإعداد: تقوى الكبير
مراجعة: ياسين خضراوي
المصدر هنا